• اخر الاخبار

    samedi 16 mai 2015

    الصبار: مسودة القانون الجنائي قد تكون مجرد بالون اختبار


    موقف محمد الصبار من مسودة مشروع القانون الجنائي لم يتغير، بل يزداد حدة؛ وفي ندوة دعت إليها محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، أول أمس، قال الصبار «إن أولئك الذين يقولون إن الشعب بيننا (في حسم الجدل حول مسودة المشروع) إنما يقودون نقاشا خاطئا، وغير مُستساغ.. كيف لي أن أقبل بأن يعرض مشروع قانون على الاستفتاء بالمغرب، بينما لا يوجد أحد في هذه الدنيا يعرض قانونا على الشعب كي يصوت عليه بصفة مباشرة، وحتى سويسرا، وهي مرجع الناس في مسألة الاستفتاءات حول أشياء تتصل بالتفاصيل اليومية للحياة، لم يسبق أن عرضت قانونا، وبالأحرى قانونا جنائيا للاستفتاء». وبالنسبة إلى الصبار، فإن «الطريقة الوحيدة لحسم النقاش حول مسودة المشروع يجب أن تكون البرلمان بغرفتيه، ولا توجد طريقة أخرى». ولا يقبل الصبار، أيضا، أن يُقال «إن المشكلة حول المسودة تعكس صراعا بين الحداثيين والإسلاميين، لأن من يقول بهذا إنما يسعى إلى تغليط الناس، ودغدغة عواطفهم. ومن غير المقبول أن تدير حملة لإقرار نص قانوني بهذه الوسائل».
    ويعتقد الصبار، وهو يتحدث باسم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، على أن المسودة المعروضة من لدن وزارة العدل والحريات، قد لا تكون في آخر المطاف سوى بالون اختبار قُدم لاستفزاز الرأي العام، وفهم الاتجاهات الرئيسية لموقفه من التعديلات المقترحة، ثم بعدها طي الموضوع إلى أجل لاحق «لكني أستبعد أن يكون هذا السيناريو هو ما يحدث الآن، رغم أنني أضعه في ذهني كاحتمال، ولو بنسبة ضئيلة».
    الأديان. معالجة بالتمييز
    ومع ذلك، ناقش الصبار المواد المثيرة للجدل في المسودة، وكانت العقوبات المطبقة على جنحة الإفطار العلني في رمضان واحدة، فهو يقول «إن القوانين تصدر عن رغبة في الإجابة عن حاجيات المجتمع الضاغطة، لا أن يشرع في تقنين جرائم مستحيلة أو جنح افتراضية لا توجد على أرض الواقع. ما معنى أن يعاقب على الإفطار في رمضان، وكأن هذه الأفعال عامة في المجتمع. ستذهبون إلى المحاكم، وكثير منكم قضاة، وستؤكدون لي بأنكم بالكاد عثرتم على شخص يحاكم بالإفطار العلني في رمضان. لقد طلبت من وزير العدل أن يقدم لي دراسة إحصائية حول عدد الجرائم المقترفة في هذا الصدد، لكنه لم يفعل، لأنهم يعرفون أن النتيجة ستكون مخيبة للآمال، وستُسقط أي معنى لنص غليظ في المسودة يعاقب على فعل غير موجود تقريبا».
    ثم هنالك، بحسب الصبار، المواد المتعلقة بازدراء الأديان، والتي تكشف عن عدم وجود تعريفات دقيقة لما سيعاقب عليه القانون، وفي هذا الإطار يقول الصبار «إذا كنا سنعاقب على ازدراء الأديان، فأي من هذه الديانات نقصد؟ لم تصدر قائمة، ربما يقصدون الديانات السماوية، لكن هل الديانات غير السماوية قابلة للازدراء. سنسقط في تمييز على الأساس الديني بكل بساطة عندما نقر بهذه التمايزات بين الأديان في القانون الجنائي». وعرج الصبار على ما تسميه المسودة بـ»زعزعة عقيدة مسلم»، وكما لم يُفهم ما تعنيه عبارة الأديان الواردة في النص، فإنه لم يفهم ما يعنيه المسلم، ويقول: «كان عليهم وضع تعريف لكلمة المسلم كي نفهم بالضبط كيفية زعزعة عقيدته. هل المسلم هو من عرف بإسلامه هكذا، أم هو كل من يؤدي الصلاة في المساجد، أو يؤدي صلاة الجمعة على الأقل.. وكيف ننظر إلى ذلك الشخص الذي لا يظهر تدينه مثلا، فلا يصلي ضمن جماعة أو في مسجد؟» وإذا كان القانون يجرم زعزعة عقيدة المسلم، فإن الصبار يود أن يكون تطبيق المبدأ المتعلق بالزعزعة أكثر شمولية: «كيف لنا أن نعاقب على ازدراء الأديان، كاليهودية مثلا، ثم نعود في فصل لاحق لنجرم زعزعة عقيدة المسلم وحده.. أليست زعزعة عقيدة يهودي تتطابق مع منطق العقاب على الازدراء كما هو وارد في القانون نفسه، بل أسوأ: أليس التمييز بين العقائد ومُعتنقيها أمر يناقض حقوق الإنسان، إنهم يطلبون منا أن نعاقب اليهودي إذا استمال مسلما، لكن يريدون منا، أيضا، أن ندع المسلم لشأنه إذا استمال اليهودي عن دينه، أو ربما قد نمنحه جائزة على فعله ذلك؟»  
    الحرج من الإعدام
    أما عقوبة الإعدام فلا يرى فيها الصبار سوى سببا للإحراج، ويقول: «الأسباب الوجيهة المعروضة من الذين يناهضون عقوبة الإعدام يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار. وكيفما كان الحال، فإن الإعدام سيبقى عقوبة وحشية مثل التعذيب، وبالرغم من تقليص عدد الحالات المطبق عليها هذه العقوبة، فإننا في حاجة إلى جرأة أكبر كي نحذفها تماما من القانون». بالنسبة إلى الصبار، فإن «الله لم يفوض لأحد أن ينفذ عقوبة الموت، وهؤلاء الذين لا يرغبون في سماع هذه المناقشات، لا يعرفون الله سوى في عقوبة الإعدام، بينما ينسون كل ما يرتبط به من شرائع في الأفعال الأخرى.. إذا كانوا يريدون الدفاع عن شريعة الله، فليشرعوا في تطبيق حد قطع اليد بالنسبة إلى السارق أيضا.. إنهم يخلطون بشكل متعمد بين المفاهيم حتى لا تعرف بالضبط ما يقصدون بمصطلح القصاص». ويدافع الصبار عن معارضته لعقوبة الإعدام بالقول إن «حتى أولئك الذين يحاججون بالقول إن العقوبة هذه لا تطبق في المغرب رغم وجودها في القانون، والحكم بها ضد أشخاص كثر،  فإننا نقول لهم إن ذلك يضيف الحجة لنا في القول بعدم وجود معنى للتنصيص عليها مرة جديدة في المسودة.. هل تعتقدون أن عقوبة الإعدام تردع الناس؟ كلا».
    ولأن الصبار يرى أن عقوبة الإعدام لا توافق الاتجاه الحديث نحو أنسنة العقاب، ولا تستند إلى نص قطعي في الشريعة، فإنه يضيف سببا آخر يدعو إلى حذفها من المسودة: «نحس بحرج كبير في العالم بسبب الإقرار بهذه العقوبة، وكأن من يفعل ذلك يتجاهل الشركاء الدوليين للمغرب، ولا يعرف حجم الضغوط التي نتعرض لها بسبب شيء لا ينفذ، ومع ذلك نتركه على قيد الحياة. إن الغربيين يعرفون عما يتحدثون، وهم يفكرون بالطريقة التي نفكر بها نحن؛ وسيقولون لِمَ يتركون عقوبة الإعدام في قانونهم رغم أنهم لم ينفذوها منذ 1993، ربما يتركونها لتصفية المعارضين السياسيين في وقت ما.. ما يحدث في مصر حاليا لا يخلق الأجواء المناسبة للدفاع عن عقوبة الإعدام، وعلى من يكتب مثل هذه القوانين أن يحضر إلى جنيف ليسمع ما لن يعجبه حول حقول الإنسان، إنهم يثقلون كاهلنا بثقل إضافي وغير محتمل».
    وعلى كل حال، يثق الصبار في قدرة المجتمع المدني على تطويع ما تنوي الحكومة القيام به، ويقول: «إن الملك حينما أراد أن يوجه رسائله بشأن حقوق الإنسان، فإنه توجه إلى المجتمع المدني في المنتدى العالمي لحقوق الإنسان في مراكش، ولم يذهب إلى الحكومة، وهذه رسالة يجب أن تفهمها الحكومة حينما تنظر فيما نقوله بشأن ما تطرحه من نصوص». 
    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 التعليقات:

    Enregistrer un commentaire

    Item Reviewed: الصبار: مسودة القانون الجنائي قد تكون مجرد بالون اختبار Rating: 5 Reviewed By: Unknown
    Scroll to Top